غالبًا ما نبدأ اليوم ونحن في أوج نشاطِنا، تمامًا مثل هواتفنا المحمولة التي تكون مشحونة بالكامل في بداية اليوم. ولكن بعد مرور عدة ساعات، قد تلاحظ انخفاضًا في مستوى "طاقتك" في أغلب الأوقات. الطعام الذي تتناوله في وجبة الغداء قد يؤدي إلى استنزاف طاقتك بمعدل أسرع مما تريد. وقد لاحظ الكثير من الناس أنّه بعد سن الأربعين يزيد مستوى "الإعياء الذهني" (وهي ظاهرة تؤدي إلى انخفاض النشاط المعرفي كما حدّدها العلماء1) والتي تعرف أيضًا باضطراب الفص الجبهي.   

يعتمد الكثيرون على تناول فنجان من القهوة أو كوب من الشاي في فترة ما بعد الظهيرة للشعور بدفعة من الطاقة. غير أنَّ هناك طرق طبيعية أخرى يمكنها الحفاظ على مستوى الطاقة الجسدي والذهني في فترة ما بعد الظهيرة، فقط بإجراء بعض التغييرات البسيطة في نظامك اليومي.  

خمس طرق لتعزيز الطاقة بعد وجبة الغداء:

تناول غداء منخفض الكربوهيدرات

هل نتناول الكربوهيدرات أم لا نتناولها؟ ذلك هو السؤال. من المهم أن ندرك أنَّ الكربوهيدرات ليست كلها متساوية. توصِي الأنظمة الغذائية الشهيرة مثل الحمية الكيتونية بأن يستهلك البالغون أقل من 50 غرامًا من الكربوهيدرات في اليوم، بينما توصي حمية العصر الحجري ( الباليو) بتجنّب الخبز والحبوب تمامًا. ولكنَّ الكربوهيدرات قد تؤثرعلى مستويات الطاقة بطرق إيجابية وسلبية على حدٍ سواء.

هناك أربعة أنواع من الكربوهيدرات: الكربوهيدرات البسيطة والكربوهيدرات المعقّدة والألياف والسكريات قليلة التعدّد.

الكربوهيدرات البسيطة: هي السكريات البسيطة وتحديدًا الجلوكوز والفركتوز (سكر الفاكهة) والجلاكتوز (الموجود في الحليب). إنّها كربوهيدرات بسيطة أي أنّها تتكوّن من السكريات أحادية الجزيء. ويمكن لهذا النوع من الكربوهيدرات أن يرفع مستوى السكر في الدم بسرعة حيث يتم امتصاصه بصورة سريعة داخل القناة الهضمية. ولكنّها منخفضة أو عديمة القيمة الغذائية.  

الكربوهيدرات المعقّدة: وهي عبارة عن جزيئات سكر مرتبطة ببعضها البعض، أي أنَّ جزيئات السكر الفردية " تتشابك" مع جزيئات السكر الأخرى. وعادة ما يُعرف هذا النوع من الكربوهيدرات باسم النشويات ويوجد في أطعمة مثل الفول والبازلاء والأرز والحبوب. يمكن لهذا النوع من الكربوهيدرات توفير الفيتامينات والمعادن الضرورية للجسم أيضًا.

الألياف: هذا النوع من الكربوهيدرات لا يتكسّر داخل القناة الهضمية وهو يساعد على تنظيف القولون من فضلات الطعام العالقة به. كما يعمل على تنشيط حركة الأمعاء وتسهيلها. توجد الألياف في منتجات الخبز وحبوب الإفطار والفواكه والخضروات والفاصولياء والذرة، على سبيل المثال لا الحصر. وهي تشق طريقها عبر الجهاز الهضمي دون أن يتم هضمها.    

السكريات قليلة التعدّد (Oligosaccharides): تعني Oligo "القليل" و saccharide  تعني "السكر". لذلك، تقع السكريات قليلة التعدّد بين الكربوهيدرات البسيطة والكربوهيدرات المعقّدة في الحجم وعادة ما يبلغ طولها ثلاثة إلى عشرة جزيئات سكر. وهي قابلة للتخمّر مما يعني أنَّ بكتيريا الأمعاء الصحية الجيدة تتغذّى على تلك السكريات (بريبيوتيك) لضمان تنوّع البكتيريا المعوية. وفي الأساس، تعتبر السكريات قليلة التعدّد "غذاء" الجسم الذي يمكّنه من إنتاج البروبيوتيك أو البكتيريا النافعة. الأطعمة المحتوية على برِيبيوتيك السكريات قليلة التعدّد تشمل جذور الهندباء (التي تحتوي بشكل أساسي على الإينولين) والكرّاث والبصل والبقوليات والهليون.

سبق أن تعرّضنا جميعًا لانخفاض مستوى الطاقة بعد تناول وجبة دسمة. يتضح هذا تمامًا بعد عطلة عيد الميلاد وهو أمر شائع  الحدوث أيضًا بعد تناول وجبة غداء غنية بالسكر والكربوهيدرات في يوم العمل.

عند تناول الكربوهيدرات المعقّدة التي تتحلّل إلى السكر، يُفرز البنكرياس الأنسولين الذي يسمح لجزيئات السكر التي تدور في الدم بدخول خلايا العضلات حيث تستخدم لإنتاج الطاقة. ومع ذلك، يلجأ الجسم إلى استخدام الكثير من الطاقة لخفض مستويات السكر في الدم إذا ارتفعت بنسبة كبيرة. وكما أقول لمرضايَ دائمًا، فإنَّ الطاقة كالمال لا نملك الكثير منها. لذلك، إذا استخدم الجسم الطاقة لمعالجة السكر الزائد، فإنَّه سيترك لك طاقة أقل للقيام بالأشياء الأخرى. والنتيجة النهائية هي الشعور بالإعياء!

والحل لهذه المشكلة هو الحد من استهلاك الكربوهيدرات والسكريات في وجبة الغداء. أمّا إذا قرّرت تناول الكربوهيدرات على الغداء، فينبغي أن توازنها بأحد مصادر البروتين التي تُقلّل سرعة امتصاص الكربوهيدرات والسكريات في الدم. على سبيل المثال، يمكنك تناول سلطة الدجاج مع تجنّب إضافة الخبز إليها. وعادة ما أوصي بتجنّب الباستا أيضًا في وجبة الغداء. ولكن إذا أردت تناولها، فقط احرص على تناول نوع من البروتين معها مثل الدجاج أو المأكولات البحرية. وإذا كنت تتناول شطيرة، حاول أن تلفها في الخس بدلًا من الخبز لتقليل محتوى الكربوهيدرات فيها.

شرب مخفوق البروتين

يُعد مخفوق البروتين خيارًا رائعًا لوجبة الغداء كما يمكن أن يكون منخفضًا في نسبة الكربوهيدرات الماصّة للطاقة أيضًا. قد تكون مساحيق البروتين التالية خيارًا جيدًا بالنسبة لك:

بروتين مصل الحليب: وهو مكمّل غذائي شائع يستخدّمه أولئك الذين يُمارسون الرياضة بشكل روتيني. وكثيرًا ما يُستخدم بروتين مصل الحليب كبديل للوجبات الرئيسية لمن يحاولون خسارة الوزن الزائد أو الحفاظ على أوزانهم. يُشتق مصل الحليب من الحليب البقري ويُعد أضًا مصدرًا شهيرًا للبروتين لمن يحاولون بناء عضلاتهم. يمكن استخدام مخفوق مصل الحليب كبديل لوجبة الغداء. الجرعة المقترحة: على النحو الموصى به في الملصق الدوائي  

البروتين النباتي: البازلاء وفول الصويا والأرز كلها خيارات لصيغ البروتين النباتي. يمكن استخدام مساحيق البروتين النباتي أيضًا كبديل لوجبة الغداء. الجرعة المقترحة: على النحو الموصى به في الملصق الدوائي

ممارسة الرياضة بعد تناول الطعام

بعد تناول وجبة الغداء، يمكنك الذهاب في جولة لمدة 15 إلى 30 دقيقة سيرًا على الأقدام. يُساعد هذا على الاستفادة بالسكريات والكربوهيدرات التي قد تكون استهلكتها في وجبة الغداء، كما يُساعد على تقليل أعراض التعب في فترة ما بعد الظهيرة. حاوِل أن تُجرّبها، قد تتفاجأ بالنتائج التي قد تدوم طويلًا بالنسبة للبعض.   

استخدام الزيوت العطرية

منذ بداية الحضارة الإنسانية، كانت الشعوب تسعى إلى الاستمتاع  بفوائد الزيوت العطرية. فقد استخدم القدماء المصريون الزيوت العطرية أثناء عمليات التحنيط  والاحتفالات الشعائرية. وقد كانت الزيوت عالية القيمة، فكثيرًا ما كانت تُقدّم كهدايا وتستخدّم كعملة للتداول. وفي الكتاب المقدّس، أحضر الحكماء الثلاثة هدايا يسوع  من الذهب بالإضافة إلى زيت اللبان وزيت المر وهما نوعان من الزيوت العطرية المعروفة.

كما استخدم أسلافنا الزيوت العطرية في صناعة العطور حيث يتميّز معظمها بالعديد من الفوائد الصحية بالإضافة إلى رائحتها العطِرة. وكثيرًا ما تُستخدم الزيوت العطرية في رذّاذ الهواء، وهو جهاز يعمل على نشر خليط الماء والزيت في الهواء. الاستخدام الموضعي على الجلد أمر شائع أيضًا كما يمكن إضافة بضع قطرات منها إلى ماء الاستحمام.   

بعض أنواع الزيوت العطرية يمكن أن تساعد في تقليل الإجهاد وتحسين مستوى الطاقة وإعطاء شعور بالرفاهية والسعادة والإيجابية. يمكنك أيضًا وضع الزيوت العطرية على الجلد أو استخدامها في رذّاذة في محل عملك. تتضمّن الزيوت العطرية المنشّطة الأنواع التالية:

تناول مكمّلات الطاقة

فكّر في تناول تلك المكمّلات في فترة الغداء للحصول على دفعة من الطاقة:

الجينسنغ (باناكس الجينسنغ)

يُعرف الجينسنغ أيضًا بباناكس الجينسنغ أو الجينسنغ الأحمر أو الجينسِنغ الكوري. تعود أصول الجينسنغ إلى كوريا حيث ظل يُستخدم لأكثر من ألفي عامٍ. إنّه ينمو أيضًا في أجزاء من الصين وسيبيريا. والعنصر النشِط في باناكس الجينسنغ هو الجينسينوسيدس.   

يعتبر الجينسنغ علاجًا هامًا في مجال الطب الصيني التقليدي (TCM). هناك أنواع عديدة من الجينسنغ، ولكن الجينسنغ الكوري فريد من نوعه وينبغي توخّي الحذر حتى لا يتم الخلط بينه وبين أنواع الجينسنغ الأخرى مثل الجينسنغ السيبيري. لقد أظهرت دراسة2 أجريت عام 2015 أنَّ الجينسنغ يمكن أن يساعد على تقليل الإعياء لدى مرضى السرطان الخاضعين للعلاج. كما أظهرت دراسة على مرضى السرطان نشرت عام 2018 في مجلة 3Biomed Pharmacotherapy نتائج مماثلة. يُعرف الجينسنغ لدى ممارسي الطب الصيني التقليدي بقدرته على زيادة مستويات الطاقة. وقد أوضحت دراسة أجريت عام 2018 باستخدام نموذج حيواني الدور الهام الذي يلعبه الجينسنغ في تخفيف أعراض الإجهاد بشكل عام. لذلك، يمكنك النظر في إضافة هذا العشب إلى نظامك الغذائي أو المكمّلات الغذائية التي تتناولها إذا كنت تعاني من أعراض الإجهاد.    

الجرعة المقترحة: حسب توجيهات الملصق الدوائي.

الجلايسين

الجلايسين هو حمض أميني ضروري لإنتاج كولاجين الجلد والحمض النووي DNA والهيموغلُوبين (المعروف أيضًا بخلايا الدم الحمراء). يمكن للجسم إنتاج الجلايسين عند الحاجة ولذلك فهو يعتبر حمضًا أمينيًا "غيرَ أساسي". ومع ذلك، قد يحتاج البعض إلى نسب جلايسين أعلى من المعتاد ليشعروا بأنّهم في أتم صحة. وهذا قد يرجع إلى عدم قدرة الجسم على تلبية احتياجاته من الجلايسين بحيث تكون هناك حاجة إلى تناول مكمّلات الجلايسين.

لقد أظهرت دراسة نشرتها مجلة فرونتيرز المتخصصة في طب الأعصاب4 عام 2012 انخفاض أعراض التعب والنعاس في فترات النهار لدى الأشخاص المصابين بالأرق عند إعطائهم 3 غرامات من الجلايسين (3,000 ملغ) قبل الخلود إلى النوم. كما اقترحت دراسة نشرت عام 2017 في مجلة التغذية5 ضرورة تناول الأشخاص الذين يعانون من الإجهاد المزمن للمكمّلات الغذائية المحتوية على الأحماض الأمينية مثل الجلايسين.  

الجرعة المقترحة: 3 غرامات (3,000 ملغ) كل ليلة أو في الصباح.

الروديولا

الروديولا (R. rosea)  هي عشبة متكيفة جينيًا وهي تساعد على حماية خلايا الجسم من الأضرار التأكسدية الناتجة عن عوامل الإجهاد البيئي والكيميائي. تتميّز الأعشاب المتكيفة جينيًا بالقوة حيث تنمو في ظل ظروف مناخية قاسية ينبغي أن تحمي نفسها منها. على سبيل المثال، تنمو الروديولا على ارتفاعات تصل إلى 10,000 قدم (3 كم ) فوق سطح البحر حيث تنخفض نسبة الأكسجين ودرجات الحرارة.     

فوائد الروديولا تتضمّن ما يلي:

تأثيرها المُضاد للإجهاد: قد تكون الروديولا خيارًا جيدًا لأولئك المصابين بأعراض الإجهاد غير المفسّرة. وقد استنتجت دراسة نشرتها مجلة Planta Medica عام 2009 أنَّ تناول الروديولا لها تأثير مُضاد للإجهاد.

تحسّن التحمُّل البدني: كثيرًا ما يبحث الرياضيون في جميع مستويات المنافسة على طرق لتحسين قوة تحمّلهم، والروديولا يمكن أن تكون مفيدة في هذا المجال. فقد استنتجت دراسة نشرتها المجلة الصينية للطب التكاملي6 أنَّ "تناول مكمّل الروديولا والجنكة قد يساعد في تحسين قدرة الجسم على التحمُّل عن طريق زيادة استهلاك الأكسجين والوقاية من الشعور بالتعب". وقد دعمت دراسة أخرى أيضًا نشرت عام 2013 في Journal of Strength and Conditioning Research7 قدرة الروديولا على تحسين تحمّل التمارين الرياضية.

الجرعة المقترحة: كبسولات الروديولا - 500 ملغ مرة أو مرتين في اليوم أو حسب توجيهات الملصق الدوائي. مستخلص الروديولا السائل- حسب توجيهات الملصق. يمكنك تناولها في فترة الغداء لزيادة مستوى الطاقة في فترة ما بعد الظهيرة.      

المراجع:

  1. Accessed October 13th,18 https://www.sciencedaily.com/releases/2010/11/101118083901.htm
  2. Integr Cancer Ther. 2015 Sep;14(5):419-27. doi: 10.1177/1534735415580676. Epub 2015 Apr 14.
  3. Biomed Pharmacotherapy. 2018 Feb 5;100:52-63. doi: 10.1016/j.biopha.2018.01.155. [Epub ahead of print]
  4. Bannai M, Kawai N, Ono K, Nakahara K, Murakami N. The Effects of Glycine on Subjective Daytime Performance in Partially Sleep-Restricted Healthy Volunteers. Frontiers in Neurology. 2012;3:61. doi:10.3389/fneur.2012.00061.
  5. Dunstan RH, Sparkes DL, Macdonald MM, et al. Diverse characteristics of the urinary excretion of amino acids in humans and the use of amino acid supplementation to reduce fatigue and sub-health in adults. Nutrition Journal. 2017;16:19. doi:10.1186/s12937-017-0240-y.
  6. Chinese Journal of Integrative Medicine. 2009 Jun;15(3):177-83. doi: 10.1007/s11655-009-0177-x. Epub 2009 Jul 2.
  7. Journal of Strength Conditioning Research. 2013 Mar;27(3):839-47. doi: 10.1519/JSC.0b013e31825d9799.